العمل في مجال المبيعات عمل ممتع، مثير للشغف ومحفز دائماً للبحث والاطلاع والتعلم. ذلك لأن مجال المبيعات لا يعني التركيز على فرع واحد من فروع هذا العلم. فلكي تنجح في المبيعات لابد أن تتوافر لديك مجموعة من العوامل والصفات. أقلها أن تكون واسع الاطلاع، مُلِم بنظريات البيع، وعلى معرفة بالدراسات النفسية ذات الصلة بالمجال.
وينصب جل اهتمام رجل المبيعات بالعميل، فالعميل هو محور الدراسات والاهتمام، ودراسة كل ما يتعلق بالعميل، وما يؤثر فيه، أمر واجب يجب التركيز عليه من قبل رجل المبيعات. فالأعمال دون عملاء لن تستمر، ولا مستقبل لها.
ولذلك في السطور القادمة سوف نستعرض معاً خلاصة الدراسات والتجارب العملية فيما يتعلق بالعميل وكيفية التعامل مع كل نمط شخصية مختلف له.
من هو العميل؟
يطلق مصطلح العميل أو الزبون على نوعين من الأشخاص في الأعمال التجارية. فالعميل قد يكون شخص يتلقى خدمة ما هو بحاجة لها. ويستطيع المفاضلة بين العديد من مقدمي هذه الخدمة بناءً على مجموعة من المعاير التي يهتم بها. وقد يكون أيضًا العميل شركة أو هيئة أو مؤسسة تتلقي الخدمة.
أما الزبون فهو ذاك الشخص الذي يتلقى أو يشترى السلعة أو المنتج لتلبية حاجة لديه. وقد يسمى في بعض الأحيان المستهلك.
وفي كل الأحوال، إذا كنت تخطط لبناء نظام إدارة علاقات للعملاء قوي ومنتج ومثمر، فأنت بحاجة إلى معرفة الخصائص الأساسية لعملائك وكيفية التعامل مع كل واحدٍ على حده.
هل يجوز التعامل مع جميع العملاء بنفس الطريقة والمنهج؟
كل عميل له خصاص مميزة وسمات متعددة تميزه عن غيره من العملاء الآخرين. ولذلك من غير الصواب أن يتعامل رجل المبيعات مع جميع عملائه بشكل واحد. بل يجب عليه دراسة كل عميل على حدا حتى يستطيع التأثير عليه جيداً وكسبه في صفه، إلى أن يصل إلى هدفه النهائي وهو إقناع العميل بالشراء أو الاشتراك.
ذلك لأننا نحيا اليوم في عصر المنافسة فيه شديدة. خاصة فيما يتعلق باكتساب العملاء، الأمر الذي جعل من سقف توقعات العملاء مستمراً في الزيادة.
وعلى هذا أصبح التركيز على رضا العميل بمثابة رأس مالك الحقيقي، لأنه ببساطة ما لم يرض العميل لن يدفع مقابل خدماتك، وبالتالي تتعرض للخسارة، وعلى العكس تماماً إذا ما استطعت اكتساب رضا العملاء سيكون ذلك مدخلاً لمواصلة الشراء وبالتالي زيادة الأرباح واستمرار العمل.
ما حدود تأثير شخصيات العملاء على المبيعات؟
لقد أظهرت العديد من الدراسات النفسية، والدراسات في مجال المبيعات وخدمة العملاء، أن شخصيات العملاء لها دورًا كبيرًا في اتخاذ الانطباعات الجيدة أو الانطباعات السلبية عن الخدمة، وما يترتب على ذلك من قرار الشراء أو الاستمرار في تلقي الخدمة أو إلغائها.
وفي دراسة أجريت في مدينة أنطاليا، بتركيا، تم استطلاع رأي أكثر من ثلاثمائة من السياح الألمان المقيمين في فندق خمس نجوم في أنطاليا، ثم تم بعد ذلك تجميع المشاركين في الاستطلاع في أربع مجموعات وفقا لأنواع شخصياتهم (A مقابل B) ومزاجهم (سيئ مقابل جيد).
وقد أظهرت النتائج أن تصورات جودة الخدمة والرضا العام للمشاركين، اختلفت وفقا لأنواع وشخصيات ومزاج المشاركين في الدراسة. وأكدت النتائج أن نوع الشخصية والمزاج قد يغيرا تصور جودة الخدمة المقدمة لها تبعًا لحالة المزاج والشخصية.
وعلى هذا، إذا أسقطنا نتائج هذه الدراسة على مجال المبيعات. فإننا نستنتج أن المزاج ونوع الشخصية يمكن أن يؤثر بشكل جذري على إدراك العميل لجودة الخدمة. فقد يقلل المزاج السيئ للعميل من تصورات جودة الخدمة واهميتها لديه وبالتالي انصرافه عنها.
فهم الشخصية مفتاح التعامل معها
إن التركيز على فهم شخصية العميل بمثابة مفتاح التعامل معها. فرجل المبيعات أول ما يهتم به قبل التحدث في البيع والشراء وتقديم الخدمات، هو دراسة وفهم الشخصية التي يتحدث معها أولاً. لأن ذلك ببساطة هو المدخل للتعامل الجيد معها. وفقد هذه الخطوة بمثابة فشل سريع لرجل المبيعات.
ودراسة وفهم الشخصية يحقق لرجل المبيعات العديد من الفوائد منها:
- بناء التواصل والتعاطف: وهو أمر هام للعملاء سواء الحاليين أو المحتملين.
- تجنب سوء الفهم: بحيث يكون واضحًا لديك ما يريده العميل ويرغب فيه.
- حل المشكلات وتذليل العقبات: فهم شخصية العميل ودوافعه يعد مدخلاً مهما لحل أي نزاع محتمل قد ينشا معه.
أنواع العملاء بالنسبة لرجل المبيعات
1-العملاء الجدد:
وهم الذين أتموا أول عملية شراء منك، ويحتاجون بالطبع إلى إرشادات لفهم منتجك والتعامل معه. وبالتالي فأنت مطالب بتيسير سبل التواصل معهم إذا ما واجهتهم مشكلات مع منتجك. حتى يتولد لديهم الشعور بالتقدير من جانبك، الأمر الذي يولد لديهم انطباعًا جيداً عنك.
2-العملاء المستمرون معك:
وهم الذين يشترون منتجاتك باستمرار. وهؤلاء يجب التركيز معهم باستمرار وتقديم الحوافز لهم، لنقلهم إلى خانة العملاء الأوفياء لعلامتك التجارية.
3-العملاء الغاضبون:
هذا النوع من العملاء يمثل خطرًا على علامتك التجارية. فهم استخدموا منتجك ولكن واجهتهم فيه مشكلات واضبحوا غير راضين عنه. وبالتالي فإن اهمالهم وعدم التعامل معهم بشكل جيد يمثل أسوأ دعاية ممكن نشرها لمنتجك.
4-العملاء المحالين:
وهم الذين تمت احالتهم من قبل عميل آخر. ويحتاجون إلى الاهتمام بهم وشرح القيمة والجودة لمنتجك بشكل جيد، ويجب معرفة تطلعاتهم في منتجك للعمل على توفيرها، وتقديم مسارات أخرى للتعامل مع منتجك أو لمنتجات أخرى من علامتك التجارية قد لا يعرفون عنها شيئا.
5-العملاء الأوفياء:
وهم العملاء الذين يكررون الشراء منك. ويتناولون منتجاتك مختلفة من علامتك التجارية. وهؤلاء يجب أن تعرف الأسباب والعوامل التي جعلتهم مخلصون لعلامتك التجارية. ويجب اظهار الاهتمام بهم من خلال الحصول على شهاداتهم حول علامتك التجارية ونشرها في موقعك الإلكتروني، وعمل حوافز لهم وتشجيعهم دومًا على الارتباط بعلامتك التجارية. فهم في الحقيقة قد يكونوا أفضل دعاية لك
مدى تأثير الدافعية والتركيز على قرارات العميل
تشير الدراسات النفسية ودراسات السوق إلى أن كل عميل له دوافع ومنطلقات مختلفة. فضلاً عن تركيز مختلف أيضًا حول المنتجات والخدمات نابع من شخصيته الفريدة التي يتمتع بها.
كما تؤكد الدراسات أن المعتقدات والتصورات والعواطف اللاواعية بمثابة الأساس لكل قرار شراء. ولذلك فان إن فهم رجل المبيعات واستيعابه لدوافع العملاء وسلوكياتهم أمرًا في منتهى الأهمية. وبمثابة ضمان النجاح في سحب العميل لاستخدام المنتج والاقتناع به.
الأنماط المختلفة لشخصيات العملاء وكيفية التعامل معهم
لا شك أنه من الخطأ الاعتقاد أن جميع العملاء على درجة واحدة من الفهم والتلقي والدافعية، الأمر الذي يجعل رجل المبيعات قد يخطأ في التعامل مع العميل إذا لم يحترس لذلك.
فاتباع نفس الأسلوب في التعامل مع جميع العملاء يؤدي بالفعل إلى تجارب سيئة للعملاء مع علامتك التجارية. والخطورة في ذلك أنه تشير دراسات السوق إلى أن 33٪ من العملاء يتخلون عن العلامة التجارية بعد تجربة سيئة واحدة معها. وقد لا يعودون لها مرة ثانية.
اذن، فهم نوع الشخصية أمر بالغ الأهمية لكن قبل تحديد أنوع الشخصيات ما هي الشخصية وما هي سماتها؟
تُعرف جمعية علم النفس الأمريكية الشخصية بأنها تلك الخصائص والسلوك الدائم الذي يشكل التكيف الفريد للشخص مع الحياة، بما في ذلك السمات الرئيسية والاهتمامات والدوافع والقيم ومفهوم الذات والقدرات والأنماط العاطفية. وتتفق جميع النظريات النفسية على أن الشخصية تساعد في تحديد السلوك.
وعمومًا تنقسم شخصيات العملاء إلى أربعة أقسام أساسية اجمع عليها خبراء المبيعات ورؤساء الشركات والعاملين في السوق وهي:
1- الباحث عن المغزى
هو شخص يمتلك دوافع داخلية نابعة من قناعاته الشخصية. كما أن التركيز لديه داخلي أيضًا. ينظر دوماً إلى النتائج وتحقيق الأهداف. فهو متطلع دوماً إلى الإنجاز، ويحب التقدير والإشادة.
والتعامل معه يكون مباشر وسريع وموجز، وترك الفرصة له للاختيار من ضمن خيارات متعددة أنت في الأصل من قدمها له، الأمر الذي يثيره حقاً ويدفعه لتبني خدمتك أو منتجك هو ادراكه بالعائد أو النفع الحقيقي الذي سيعود عليه أو على عمله من وراء شراء خدمتك أو سلعتك.
2- الباحث عن الاتصال
هو شخص دوافعه وتحفيزه خارجي، كما أن التركيز لديه خارجي أيضًا. فهو شخص ينظر إلى الجميع ويحاول ارضائهم، ولذا تجده محبوباً من قبل الآخرين. ولأن تركيزه خارجي فهو بطيء في اتخاذ القرار ويميل إلى الرجوع لزملائه أو موظفيه للوصول إلى قرار الشراء.
والتعامل معه يكون بالصبر الشديد معه. حتى يستنفذ خطواته واستشاراته، والعمل على توفير الإجابات لجميع الأسئلة التي تدور في ذهنه، فضلاً عن دفعه للوثوق بالمنتج بتقديم له شهادات الصلاحية وأراء الخبراء والمشترين السابقين.
3- الباحث عن التقدير
هو شخص دوافعه خارجية والتركيز لديه داخلي. يحب بناء العلاقات وعرض وجهة نظره. يعتمد في الشراء أولاً على الثقة فيمن يتعامل معه. ولذلك على رجل المبيعات أن يهتم اولاً بكسب ثقة هذا الشخص، وتقديم صورة حقيقية جيدة عن العلامة التجارية أو المنتج بعرض النتائج النافعة التي تعود عليه من استخدام المنتج أو الاشتراك في الخدمة.
وتذكر أن لغة الجسد ونبرة الصوت عند الحديث معه لها تأثير كبير في إقناعه. بالإضافة لتوليد انطباع أنك أفضل من المنافسين وتتفوق عليهم.
4- الباحث عن القيمة
هو شخص يمتلك دوافع داخلية، وتركيز خارجي، وهو مثال جيد لرؤساء الأعمال والمديرين الذين يبحثون عن القيمة المضافة التي يقدمها المنتج، ومدى فائدته للصالح العام أو الآخرين.
هؤلاء الأشخاص يهتمون بالحقائق والأرقام والإحصائيات، فهم يبحثون جيداً في معلومات المنتج ويوازنون بين سلبياته وإيجابياته فضلًا عن مقارنته مع المنافسين له.
قراراتهم نابعة من تفكيرهم المنطقي، لذا عند التعامل معهم يجب التركيز على عرض الحقائق والمعلومات المفيدة، مع الاستعداد للإجابة على أي استفسار لأن التفاصيل بالنسبة لهم أمر حيوي وهام.
تصنيف آخر لشخصيات العملاء
ويُصنّف الدكتور إبراهيم الفقي شخصيات العملاء إلى أربعة أصناف وهي:
القيادي: وهو شخص يسعى دوما للنجاح والتقدم. ويقع دائماً في مراكز قيادية، حيث التأثير واتخاذ القرار.
الودود: وهو شخص محب للجميع، يبغض المشكلات. ويهتم أكثر ما يهتم برأي الناس في شخصه.
المُعبر: شخص محب للابتكار والتجديد، يسعى وراء كل جديد.
المحلل: هو شخص يهتم بكل كلمة. يدقق في التفاصيل جيداً، منظم في أفكاره، يناقش ويطرح وجهات نظر متعددة.
النطاط: متغير المزاج والشخصية. يتقمص كل يوم شخصية مختلفة اعتقادًا منه أنها الأنسب له. هو شخص يريد أن يتحسن باستمرار، ويسعى للتميز.
وبذلك نكون قد استعرضنا معًا مختلف أنواع الشخصيات للعملاء التي قد يقابلها رجل المبيعات في مختلف مراحل عملية البيع، فضلاً عن كيفية التعامل معها، والجدير بالذكر أن هذه الشخصيات بفهمك لها تستطيع أن تتعامل معها على المستوى الإنساني، بعيداً عن مجال المبيعات، فإذا ما تم التركيز على اكتشاف هذه السمات والصفات في أي إنسان تستطيع أن تتعامل معه بسهولة ويسر.
يجب أن تكون مسجلاً معنا لتكتب تعليق.